خطبه عن الجد والاجتهاد.
الجدية في الالتزام.
الجدية وعلو الهمة.
الجد نقيض الهزل، وهو الاجتهاد في الأمر، والمبالغة في تحقيقه والاهتمام به والإسراع فى تنفيذه، ويتطلب ذلك من المنتمى إلى الدعوة - منه علوا في همته، وبذل كل طاقته وما في وسعه، كما يتطلب التردد والقعود في منتصف الطريق أو التكاسل أثناء السير فيه .
بهم ذلك أن المنتمين إلى الدعوة عندما يطول الطريق تضعف وتقل عزائمهم، وتتباطأ سرعتهم، وتصبح عندئذ ظاهرة تضعف العمل الإسلامي، فيقل أنصاره وأتباعه.
عن كما أن البعض قد استعذب الراحة ورضى بها، واستثقل التكليف وكرهه، وأكثر من اللهو والضحك وجلسات السمر، واستمتعوا بتجمعاتهم وارتضوها خالية من الهمة والجدية، فاستعذبوا تخلفهم . الركب وأطالوا ،نومهم ورضوا بالقليل من العطاء، فانشغلوا بسفاسف الأمور عن الواجبات المنوطة إليهم، ونسوا أن الواجبات أكثر من الأوقات، فرضوا بالقليل الذى يقدمونه لدعوتهم واستكثروه .
لذا كان لابد من الهمة العالية والجدية الصادقة كي نؤدى أماناتنا ونقوم بمسئولياتنا ونصل إلى أهدافنا فلقد امتدح القرآن أناسا من البشر آمنوا حق الإيمان وشمروا بسواعد الجد والاجتهاد إلى مرضاة تعالى: ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: ٦١] فقال ربهم، ومما يجب الانتباه إليه ونحن نتكلم عن الهمة العالية والجدية أنه على قدر العطاء والجد يكون القرب من الله تعالى، قال الله تعالى في الحديث
القدسي مى: ..... ومن تقرب إلى شبراً تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرب إلى ذراعاً تقربت إله باعاً، وإذا أقبل إلى يمشى أقبلت إليه أهرول» ) . فلن يستوى لكسالى مع الجادين أصحاب الهمم العالية ولا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أُولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفُسهمْ فَضل الله المجاهدين بأموالهم وأَنفُسِهِمْ ﴾ [النساء : ٩٥].
وأصحاب الهمم العالية، والجدية الصادقة هم المؤهلون حقا لحمل الدعوة وتبليغها إلى الناس ولذلك فإن أصحاب الدعوة الحقيقيين هم الذين يفنون أعمارهم، ويضحون بأموالهم، ويقتصون من أوقاتهم نصرة لهذا الدين وعملاً له. يقول الشهيد البنا ويخطئ من يظن أن جماعة الإخوان المسلمين دعاة كسل أو إهمال، فالإخوان يعلنون في كل أوقاتهم أن المسلم لابد أن يكون إماماً في كل شيء، ولا يرضون بغير القيادة والعمل والجهاد والسبق في كل شيء، والتأخر في أية ناحية من النواحي ضار بفكرتنا مخالف لتعاليم ديننا . . . ».
ويقول أيضا :
قليل من الناس من يعرف أن الداعية من دعاة الإخوان، قد يخرج الخميس، فإذا هو في العشاء بالمنيا يحاضر الناس، وإذا هو فى صلاة الجمعة يخطب وهو في منفلوط، فإذا من عمله في القاهرة في عصر . العصر يحاضر فى أسيوط، وبعد العشاء يحاضر بسوهاج، ثم يعود ادراجة.